هناك عدة طرق لتحضير البلازما الغنية بالصفيحات الدموية وتختلف في مدى تركيز الصفائح الدموية في البلازما المراد حقنها. معظم الأجهزة المستخدمة حالياً لتحضير البلازما تتراوح نسبة تركيزها من 3 إلى 5 أضعاف. وبناء على دراسة واحدة على الأقل (من عدة دراسات مخبرية)، فإن هذه النسبة تعتبر مرتفعة وتضر بالوتر المصاب بدلاً من أن تحفز الإلتئام والشفاء. فهل هذه الدراسة دقيقة وصحيحة؟ هل ممكن أن يكون حقن البلازما الغنية بالصفيحات الدموية بهذا التركيز يسبب ضرراً للأوتار؟ هل حقن البلازما بتركيز عالي لإلتهاب وتهتك الأوتار مفيد أو مضر فعلاً؟ لكن مع وجود العديد من الدراسات السريرية على المرضى الذين تم علاجهم بهذه الطريقة وكانت نتائجها إيجابية، فلو كانت هذه النسبة مضرة، لبائت جميع هذه الدراسات السريرية بالفشل. لذا، سنناقش في هذا المقال عدة دراسات مخبرية في هذا الجانب والتي تتعلق بتركيز نسبة الصفائح الدموية في البلازما.
ممكن القول أنه هناك مجموعتين من البحوثات التي تتعارض مع بعضها في النتائج. المجموعة الأولى إستنتجت أن التركيز المتوسط أو المرتفع من البلازما الغنية بالصفيحات الدموية يعتبر مضر للأوتار ولا يزيد تحفيز الشفاء للأوتار المتهتكة والملتهبة. والمجموعة الثانية إستنتجت أنه بالعكس فكلما زاد تركيز البلازما الغنية بالصفيحات الدموية زادت نسبة تحفيز الشفاء للأوتار المتهتكة والملتهبة. مع وجود هذا التعارض في نتائج الدراسات، أي النتائج تعتبر أكثر دقة أو لها مصداقية أكثر؟ قمنا بزيارة زملائنا في مركز الأبحاث لمؤسسة جراحة العظام التداخلية (IOF) في مؤتمرها في دنفر بداية 2017، والتي ركزت بحثها في فروقات نتائج هذه الدراسات وإستنتجت ما يلي عن المجموعتين.
المجموعة الأولى: حقن البلازما الغنية بالصفيحات الدموية بتركيز عالي مضر للأوتار
من أشهر هذه الدراسات هي دراسة الباحث الإيطالي جويستي[1]، والتي إستنتجت أنه إذا زاد تركيز البلازما عن 1 - 2 ضعف فإن ذلك سيؤدي إلى نتيجة عكسية بعدم تحفيز الخلايا الوترية على الإلتئام، وأن درجة التركيز التي تصل إلى 3-5 أضعاف تسبب موت الخلايا الوترية بشكل كبير. وإذا تمعّنت بهذا الإستنتاج، فإن هذا يعني أنه جميع حُقن البلازما هي مضرة للأوتار حيث أن معظم الأجهزة المستخدمة حالياً لتحضير البلازما تتراوح نسبة تركيزها من 3 إلى 5 أضعاف. الصورة التالية تشرح مبدأ الدراسة المخبرية.
من الصورة يتم ملاحظة أنه كلما زاد تركيز البلازما كلما كانت النتائج عكسية. وهناك أيضاً دراسات أخرى كان لها نفس الإستنتاج، مثل دراسة الباحث راسيل[2] والتي أيضاً إستنتجت أنه كلما كان تركيز البلازما أعلى كلما سببت ضرراً للخلايا الوترية.
المجموعة الثانية: حقن البلازما الغنية بالصفيحات الدموية بتركيز عالي مفيد للأوتار
من أشهر هذه الدراسات هي دراسة الباحث الكوري جو[3]، والتي تضمنت عدداً من الأنسجة المختلفة ومنها النسيج الوتري. وإستنتجت الدراسة أنه كلما زاد تركيز البلازما الغنية بالصفيحات الدموية، كلما زاد تحفيز الإلتئام والشفاء للنسيج المتضرر. وهذا يتعارض من دراسات المجموعة الأولى. الصورة التالية تشرح مبدأ الدراسة المخبرية.
من الصورة يتم ملاحظة أنه كلما زاد تركيز البلازما كلما كانت النتائج إيجابية، وهناك أيضاً دراسات أخرى كان لها نفس الإستنتاج، مثل دراسة الباحثة أنيتوا[4].
إذاً لماذا هذا الإختلاف والتعارض في النتائج؟ ماهي الإستنتاجات الصحيحة؟ للإجابة على ذلك نحتاج إلى النظر في تصميم كل دراسة وطريقة عملها للوصول إلى إستنتاجاتها!
مراجعة تصميم الدراسات للمجموعة الأولى والمجموعة الثانية
قام مركز الأبحاث لمؤسسة جراحة العظام التداخلية (IOF) بدراسة تصميم الدراسات للمجموعتين[5]، حيث أنه في هذه المجموعتين من الدراسات تم الإعتماد على زراعة الخلايا مخبرياً عبر عنصرين أساسيين لبقائها على قيد الحياة وهما: الغذاء و المحفزات (مثل السماد على سبيل التبسيط للفهم). وإستنتجت الدراسة أن تصميم دراسات للمجموعة الأولى يحتوى على خلل فيما يتعلق بهذين العنصرين، نشرحها كالتالي:
1. يتكون غذاء الخلايا من عناصر تعتبر عامل أساسي لنمو الخلايا (MEM) ومنها:
- الأملاح غير العضوية (Na+, K+, Ca2+).
- الكاربوهيدرات (جلوكوز).
- الأمينو أسيد.
- الفيتامينات (مجموعة فيتامين B).
- محلول حمض البيكربونات وثاني أكسيد الكربون.
2. أما المحفزات فتكونت من الصفائح الدموية المشتقة من البلازما والتي تحتوي على:
- عوامل النمو (FGF, PDGF, TGFB, VEGF)
- الفيبرونكتين
- البروتينات الناقلة الزلالية
وبتحليل دراسات المجموعة الأولى، نرى أن العيب في تصميم دراسات المجموعة الأولى يكمن في أن نسبة الغذاء مع نسبة المحفزات كانت غير منتاسقة. حيث أنه في دراسات المجموعة الأولى، كلما تمت زيادة تركيز البلازما (زيادة المحفزات) تم تقليل تركيز الغذاء للخلايا (لم يتم زيادة نسبة الغذاء بشكل متناسق مع المحفزات)، وهذا النقصان أدى إلى تقليل نسبة الغذاء للخلايا والتي سببت موتها. لذا فإن جعل سبب موت الخلايا عائد إلى زيادة نسبة تركيز البلازما هو غير دقيق، حيث أنه عائد إلى قلة نسبة الغذاء اللازم للخلايا والذي لم يتم زيادته طردياً مع زيادة تركيز المحفزات.
أما بعد تحليل دراسات المجموعة الثانية، فتبين أن تصميم الدراسة هدف للمحافظة على نسبة الغذاء مع نسبة المحفزات بشكل طردي وثابت. وبناء على ذلك كانت نتائج هذه الدراسات متعارضة مع نتائج دراسات المجموعة الأولى.
الخلاصة
لقد تم في مركز الأبحاث لمؤسسة جراحة العظام التداخلية (IOF) عمل دراسة مخبرية لتحليل هذه المجموعتين من الدراسات، وإستنتجت أنه وبالفعل كلما زاد تركيز الصفائح الدموية في البلازما كلما كانت نتائج تحفيز الخلايا للإلتئام والشفاء أفضل، وهذا أيضاً ما رأيناه من الدراسات السريرية الكثير للعديد من المرضى. فلو أن نتائج دراسات المجموعة الأولى كانت صحيحة، ومع العلم أن معظم الأجهزة المستخدمة حالياً لتحضير البلازما تتراوح نسبة تركيزها من 3 إلى 5 أضعاف، لكانت النتائج أن جميع الدراسات السريرية على المرضى أدت إلى نتائج عكسية و ضرر للأنسجة الوترية للمرضى. لكن الدراسات السريرية بينت عكس ذلك! لذا، دراسات المجموعة الثانية كانت ذات تصميم أدق ونتائج أكثر صحة، وأن نسبة تركيز البلازما الغنية بالصفيحات الدموية تعتبر عامل مؤثر على زيادة نسبة التحسن ونسبة تحفيز الإلتئام والشفاء الذاتي للنسيج المتضرر.
المراجع
[1] Giusti, I., et al. “Platelet Concentration in Platelet-Rich Plasma Affects Tenocyte Behavior In Vitro.” BioMed Research International (2014)
[2] Russell, K.A. & Koch, T.G. “Equine platelet lysate as an alternative to fetal bovine serum in equine mesenchymal stromal cell culture—too much of a good thing?” Equine Vet J 48, 261–264 (2015).
[3] Jo, C.H., Kim, J.E., Yoon, K.S. & Shin, S. “Platelet-rich plasma stimulates cell proliferation and enhances matrix gene expression and synthesis in tenocytes from human rotator cuff tendons with degenerative tears.” Am J Sports Med 40, 1035–1045 (2012).
[4] Anitua, E., et al. “Fibroblastic response to treatment with different preparations rich in growth factors.” Cell Prolif 42, 162–170 (2009).
[5] Manuscript under review
مراجع أخرى
- Choi, B.H., et al. “Effect of platelet-rich plasma (PRP) concentration on the viability and proliferation of alveolar bone cells: an in vitro study.” Int J Oral Maxillofac Surg 34, 420–424 (2005).
- Fliefel, R., et al. “Mesenchymal stem cell proliferation and mineralization but not osteogenic differentiation are strongly affected by extracellular pH.” J Croniomaxillofac Surg 44, 715–724 (2016).
- Mishra, A., et al. “Buffered platelet-rich plasma enhances mesenchymal stem cell proliferation and chondrogenic differentiation.” Tissue Engineering Part C: Methods 15, 431–435 (2009).
- Wuertz, K., Godburn, K. & Iatridis, J.C. “MSC response to pH levels found in degenerating intervertebral discs.” Biochem Biophys Res Commun 379, 824–829 (2009).