المدونات

الغضروف ممكن أن يلتئم ويتجدد بنفسه؟ - الدكتور نزار الصلاحات

الغضروف ممكن أن يلتئم ويتجدد بنفسه؟

هل من الممكن أن يتئلم الغضروف المتضرر والمتآكل بنفسه مثلما يلئتم الجرح في الجلد؟

بينت دراسة حديثة أن ذلك يعتمد حسب عمر الإنسان. ولكن العمر الذي يمكن للغضروف أن يلتئم بنفسه قد يكون أقل بكثير مما في مخيلتك! جميعنا نعرف أن الغضروف يحتوي على الكولاجين، وهو من أكثر البروتينات في جسم الإنسان، ولكن هذه الدراسة بينت نتائج مذهلة فيما يتعلق بالكولاجين وإلتئام الغضروف، فماذا كانت نتائج هذه الدراسة؟

الغضروف يمكن أن يلتئم بنفسه؟

تم دراسة 8 مجموعات من المرضى الذين يعانون من خشونة في المفصل، و 15 مجموعة من الأشخاص السليمين. وتراوحت الأعمار من 18 سنة وحتى 76 سنة. واستنتج الباحثون أن “الشكل الهيكلي للكولاجين في الغضروف هو أساسي وثابت بشكل دائم، ولا يوجد هناك احتمالية حدوث إلتئام وإعادة بناء وتجديد للغضروف منذ أن يتوقف عظم الإنسان عن النمو”.

إن مرحلة إلتئام الغضروف الذاتي تنتهي بإنتهاء توقف عظم الإنسان عن النمو، أي تنتهي مع إنتهاء مرحلة سن المراهقة، ربما بين 18 أو 19 سنة. وبعد هذا العمر، لايوجد هناك إحتمالية حدوث إلتئام وتجديد ذاتي للغضروف. وكل ما تتعرض له من احتكاك، تآكل، أو إصابة للغضروف بعد هذا العمر، لن يكون الجسم قادراً على تعويضه. ومن هذا العمر يبدأ العد التنازلي لإستهلاك وتآكل الغضروف.

سبل وقائية لحماية الغضروف

مع الأسف، كل حركة تقوم بها سواءً المشى أو الجري أو التسلق أو غيرها، سوف تسبب ضغط على المفصل والغضروف، وتسبب بإستهلاك وتآكل الغضروف، وهذا طبيعي. فإذا كان هذا التآكل طبيعي، وإذا كان الغضروف لا يلتئم ذاتياً، فهل هذا يعني أنه لا مفر من الإصابة بالخشونة؟ بالطبع لا…

يمكن للشخص أن يتبع وسائل وقائية لحماية الغضروف (تفاصيل على الرابط)، والتي تشمل التمارين الرياضية، المكملات الغذائية، وطرق العلاج التجديدي التي تنتهج مبدأ إعادة تجديد وبناء الغضروف المتضرر في المراحل المبكرة والمتوسطة من خشونة المفصل وإصابات الغضاريف، وقبل تحوّل المشكلة الصغيرة إلى مشكلة كبيرة.

المكملات الغذائية

المكملات الغذائية عالية الجودة تعتبر طريقة جيدة لحماية الغضروف، وتساعد بشكل كبير في تحسين الألم ومضاد للإلتهاب عند التقدم في العمر، مثل الجلوكوزامين والكوندروتين وزيت السمك. نركز هنا على كلمة “عالية الجودة” لأهميتها! أما إذا كنت تبحث عن تخفيضات في رف السوبر ماركت الموجودة في سوق وسط البلد، فلا داعي للشراء إذاً ولا تضيع نقودك فيما قد لا يجلب لك الفائدة.

التمارين

اختيار التمارين المناسبة واللائقة لوضعك الحالي يعتبر مهم جداً، مدة ونوعية التمارين تعتمد حسب حالة الشخص. مثلاً، إذا كان الشخص يعاني من خشونة متقدمة، فإن التمارين الشديدة سوف تضر المريض. أما إذا كان الشخص لا يعاني من ضرر في الغضروف، فالتمارين المنتظمة تعمل على حماية الغضروف. وهناك دراسات تبين أن رياضة الجري لها عامل وقائي للأشخاص الذين لا يعانون من إصابة في الغضروف. أما من يعاني من إصابة، فالأفضل التحول من الرياضة العنيفة إلى الأقل عنفاً، مثل المشي والسباحة. لأن الجري في حالة وجود إصابة في الغضروف قد يسبب ضرراً أكثر.

العلاج التجديدي

عند وجود إصابة في الغضروف أو تآكل وخشونة في السطح الغضروفي، فإن العلاج التجديدي يعتبر خيار غير جراحي يركز على معالجة جذر المشكلة (وليس أعراض المشكلة). وبينما يستمر التقدم في الطب التجديدي ليصبح في الوقت الحالي خياراً بارزاً في الرعاية الصحية لمشاكل المفاصل، إلا أننا نعتقد أن التركيز الأكبر يتعلق بالوقاية من الإصابة بخشونة المفاصل.

المحافظة على الغضروف وإتباع الإجراءات الإستباقية -في حال لا سمح الله حصلت الإصابة- للتعامل مع الحالة مبكراً وقبل تفاقمها، سيعمل بشكل كبير على الحد من الإجراءات الطارئة عبر الجراحة (مثل عمليات استبدال المفصل) والتي لا تزال حتى يومنا هذا متربعة على منصة العلاج التقليدي لمشاكل المفصل. أما بالنسبة للعلاج التجديدي عبر تقنية حقن الخلايا الدهنية الغنية بالخلايا الجذعية الذاتية لعلاج خشونة المفاصل وتآكل الغضروف، فإن عدد الدراسات الحالية التي تبين مدى سلامة وفعالية العلاج التجديدي كافية لتعمل على تغيير المنهج الفكري للعديد من المرضى من المبدأ “لا داعي للعلاج إلا بعد الوصول لمرحلة اليأس” إلى المبدأ “علاج الحالة وإعادة تجديد وبناء الغضروف قبل الوصول لمرحلة اليأس”.

الخلاصة

التآكل الذي يحصل للغضروف عند التقدم في العمر وعدم قدرة الغضروف على تجديد نفسه هو أمر طبيعي. لكن قبول هذا الواقع والإستسلام له هو في الحقيقة أمر خاطئ! إن طبيعة حياة الإنسان ونشاطاته إختلفت بشكل جذري عمّا كانت في قديم الزمان، ومفاصل الإنسان تشتكي من تغير نمط حياتنا إلى نمطٍ مفعم بالراحة والجلوس. قد نرى بعض الأفكار المتغيرة لفئة من الأشخاص التي تهتم أكثر بالنمط الصحي للحياة، وهذا جانب إيجابي. وسنرى مستقبلاً تحولاً كبيراً في نمط حياة الإنسان ومنهجه فيما يتعلق بوسائل الوقاية و الوسائل التجديدية العلاجية للحفاظ على صحة المفاصل والغضروف، وتلاشي مبدأ “لا داعي للعلاج إلا بعد الوصول لمرحلة اليأس” مع الوقت.